تكوين عطور لوتاه

لم تصل مجموعة لوتاه للعطور إلى هذا المستوى الرفيع من الرقي والسمعة الطيبة والمكانة المرموقة من فراغ، بل نتاج عمل وجهد وتفانٍ ودأب يغلفها حب للعطور نستشعره في كل قطرة.

فعالم العطر بحر واسع لا يبحر فيه إلا قبطان ماهر، وما كان صلاح لوتاه إلا أمهر القباطنة الذين عرفوا أسرار هذا البحر وسبروا أغواره وأضافوا له من حبهم في إبداعات العطور الخاصة.

قد لا يعرف الكثير أن العطر يكون على شكل تكوين هرمي ثلاثي الطبقات، أو ما يُعرف بالنوتات، لكننا اليوم سنأتي على ذكر هذه الطبقات وهذا الهرم وأهميته والأدوار التي يقوم بها حتى ينتهي بها المطاف على الشاكلة التي نعرف العطر بها.

يعمل التكوين العطري كما أسلفنا في طبقات ثلاث سنسترسل في شرحها لكم:

قمة الهرم "Top Note"

تفوح مكونات هذه الطبقة العليا أولاً ويدوم شذاها العطري من 5 إلى 15 دقيقة في الغالب، وتعمل على تكوين انطباع عام وترك بصمة تعمل على جذب من حولها. غالباً ما تتطاير هذه الرائحة أو حتى تتبخر بعد أن تنفذ مهمتها في تقديم سلس لمنتصف الهرم أو القلب العطري. تتكون هذه الطبقة عادة من الحمضيات، كالليمون وزهر البرتقال والبرغموت، أو حتى من الروائح الزهرية الخفيفة كاللافندر والورد، وكذلك من الفواكه الفواحة.

تنطلق الرائحة من هذه الطبقة لتدوم لفترة من 20 إلى 60 دقيقة. مما يعني استمرارها إلى نقطة أبعد من الطبقة الأولى. وتعمل الطبقة هذه على الاحتفاظ ببعض من رائحة قمة الهرم وإضافة لمسة جديدة من مكوناتها هي والتي تبدأ بالظهور بعد زوال أثر رائحة الطبقة السابقة.

إضافة لهذا، تخدم الطبقة المتوسطة طبقة القاعدة العطرية وتعمل على التخفيف منها، لأنها عادة ما تكون قوية وذات أثر غير محمول لو قُدِّمَ وحيداً. جدير بالذكر أن هذه الطبقة تشكل نحو 70% من رائحة معظم العطور وتتكون عادة من الأزهار كالياسمين واليلانغ والجيرانيوم. أما في بعض الأحيان فقد تضم أيضاً التوابل مثل القرفة والهيل والفلفل.

تستأثر عطور هذه القاعدة بالفترة الأطول من الفوحان والأثر وتستمر في أغلب الأحيان إلى آخر فترات النهار. وتتكون هذه الطبقة من الزيوت المستخلصة من المكونات الخشبية كالعود والباتشولي والمسك والعنبر وخشب الصندل والفانيلا وخشب الأرز. ويعود السبب في طيلة بقائها إلى تركيز المواد في القاعدة العطرية التي تبقى لفترة أطول كلما زاد مستوى تركيزها.

ولكي تعمل القواعد الهرمية العطرية بالشكل الصحيح، يجب أن يتقن صانع العطور فن المزج بين النوتات العطرية الست الأساسية، وهي النوتات المنعشة والنوتات الزهرية ونوتات الفواكه ونوتات التوابل والنوتات الخشبية ونوتات المسك.

ولكل مجموعة من هذه النوتات ما يميزها ويجعل منها مناسبة لعطر دون آخر، أو حتى لاستخدام عطري دون سواه. وسنأتي في مدونة أخرى على شرح هذه النوتات بالتفصيل لزيادة معرفتنا بها وبسبل مزجها وملاءمتها لنوعيات العطور المختلفة.

بيد أن أهم ما يجب معرفته هو أن الحمضيات تشكل المكون الأساسي لنحو 90% من العطور المعروفة، الشرقية منها والغربية، والسبب عائد في مجمله إلى الانتعاش الذي تضفيه على العطر والجاذبية التي تنتج عن هذه المكونات الخفيفة.