عنفوان العطور الخضراء

تؤثر العطور والألوان بشكل كبير على الحالات والسلوكيات العاطفية للإنسان. ويعتبر اللون الأخضر منتشراً بشكل كبير في العالم الطبيعي، ويحتل المرتبة الثانية بعد اللون الأزرق كلون مفضل، على الرغم من أنه يقع في كلا المجالين من الوجود؛ أي اللون والرائحة، والتي لا يمكن لأي لون آخر أن يدعيها دون أن يكون كاذباً. كما إن اللون الأخضر مهدئ ومرخٍّ ويرمز إلى السلام والبيئة والتجديد الأبدي والربيع.

تتعلق المكونات الخضراء في صناعة العطور بالروائح المميزة التي تشتم فيها مباشرة الأوراق المتفتتة، والسيقان المقطوعة، وأوراق الشجر، والشاي الأخضر، والطحالب، والروائح النباتية الخضراء أو الحشائش المقطوعة حديثاً والعشب الطازج الممزوج بحب مع ندى الصباح.

عطر الشاي الأخضر

تشتمل هذه الفئة الفريدة من العطور أيضاً على ما يُعرف باسم عطور الفوجير أو "السرخس". حيث تستحضر النوتات الخضراء الذكريات والأحاسيس الشمية بشكل أكثر فاعلية من غيرها، وهي الأكثر استخداماً في العطور الرياضية والإصدارات الصيفية من العطور الشعبية.

عادةً ما توضع النوتات الخضراء في مقدمة العطر أو وسطه، وتوفر تدفقاً أولياً من النضارة والأناقة والخلود إلى الرائحة.

تصبح العطور نقية وحيوية ومنعشة ومليئة بالنعومة. ولأنها مستوحاة من تنوع الطبيعة، يمكن أن تكون هذه المكونات عطرية أو عشبية أو على شكل مسحوق.

في الثقافة الغربية، يرتبط اللون الأخضر ارتباطاً وثيقاً بالطبيعة والبدايات الجديدة والربيع والصحة والشباب ولون التصالح والاهتمامات البيئية.

تعكس الألوان الخضراء الفاتحة بشكل واضح روح الشباب والعشب الطازج والربيع، بينما تعد أوراق الشجر الداكنة أو خضروات الغابات جزءً لا يتجزأ من انسجام الطبيعة وتوازنها 

عطور العشب الأخضر الطازج

في الصين، يعتبر اليشم رمزاً ثميناً للشباب والثقة والجمال. بينما يعتبره اليابانيون لون الحياة الأبدية. أما في حضارة بلاد فارس القديمة، فقد مثلت الألوان الخضراء الممزوجة باللون الأزرق الجنة.

تاريخ العطور الخضراء

يشترك اسم اللون الأخضر في اللغتين الإنجليزية والعربية في جذره مع كلمة الخضروات والتي ترمز إلى الصحة والحياة والنمو.

تتراوح مدرجات اللون الأخضر من الألوان المشرقة، مروراً بتلك الممزوجة باللون الأصفر الجميل، وصولاً إلى ظلال الزمرد المتلألئة والأكثر عمقاً ورخامة.

غالباً ما تعكس العطور الأوقات التي تظهر فيها، ويعود أول استخدام للنوتات الخضراء في العطور إلى الأيام المضطربة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية. حيث الجمهور المتعب المنهك الباحث عن الأمل والساعي إلى التجديد.

الفئات المحددة للروائح الخضراء

يتكون جزء من عمل حياة صانع العطور الرئيسي من استخدام النوتات الخضراء بأكثر الطرق فاعلية، والتي تكون عادةً في أعلى العطر أو قلبه. وإليكم فيما يلي الفئات الرئيسية التي يعمل صناع العطور فيها.

•   رائحة العشب الطازج

ربما يكون العشب المقطوع حديثاً هو أكثر رائحة خضراء يمكن لك أن تشمها في العطور. إنها راقية وآسرة تماماً دون إضافة أي عناصر أخرى.

•   العطور النباتية الخضراء

عند الحديث عن الخضار الطازجة فإننا نقصد الفلفل والبازلاء والهليون، وهي كلها ذات رائحة مميزة ولا يمكن لك أن تخطئها. ويرجع ذلك إلى المركبات الحاملة للنيتروجين المعروفة باسم بيرازينات، وهي مواد تحدث بشكل طبيعي ذات عتبات منخفضة للرائحة تشتهر برائحتها القوية للغاية 

•   الأزهار الخضراء

تمزج بعض التركيبات الخصائص الخضراء الأساسية مع جوانب الأزهار، ولا سيما نوتة تسمى غالبانوم، وهو صمغ معطر يضيف النضارة والعمق إلى العطور. وكونها أكثر حدة وإشراقاً من الأزهار التقليدية، تجمع هذه العطور الخضراء بين باقة الأزهار مع المكونات الخضراء، مما يضفي الحيوية والنضارة.

•   الخضرة الطبيعية

ينطوي تحويل الطبيعة إلى زجاجة عطر على مهارة ودقة يمكن ملاحظتهما في العديد من الصيغ التي نبتكرها.

تتضمن صناعة النوتات الخضراء الطبيعية قطع جذور نبات الغالبانوم من أجل الحصول على مادة صمغية يتم تقطيرها بعد ذلك لتستلهم الجوهر القوي لهذه الشجيرة ذات الرائحة العطرية، والتي تتجلى في شكل نوتة خضراء ترابية.

تشمل النوتات الخضراء الطبيعية الأخرى: برعم الكشمش الأسود، وهو مادة خام مكلفة للغاية برائحة حامضة وكبريتية؛ وأوراق البنفسج، التي تنبعث منها رائحة خضراء، بودرة وترابية، وشجرة المصطكي النادرة من منطقة البحر الأبيض المتوسط ​​

•   زيت البتيتجرين العطري

هذا الاسم مشتق من لفظة "الحبوب الصغيرة" حيث أتى في الأصل من البرتقال الأخضر غير الناضج والذي كان بالكاد بحجم كرز قزم. واليوم، تأتي هذه المادة في الغالب من أوراق شجرة الليمون.

أما في يومنا هذا، فتقوم معظم عمليات إنتاج الحبوب الصغيرة في فرنسا وإيطاليا وباراغواي، وبعضها في شمال أفريقيا. ويعود تفضيل هذه المنتجات إلى تأثر رائحتها بشكل كبير بالتضاريس والتربة والمناخ الذي تنمو فيه.

مهما حاولنا أن نبعد تفكيرنا عن تعبئة الطبيعة في زجاجة، وجدنا الفكرة أقرب إلى الواقع بفضل ما نشمه بمجرد الرش من هذه العطور التي تعتمد على اللون الأخضر في إنتاجها وبث البهجة في النفوس.